اثبت كالجبال الرواسخ... ولا تعصف بك الفتن حينما تعصف بك الفتن، وتختلط عليك الأمور، وتؤثر فيك إشاعات الدجاجلة، فصم أذنك عن الجميع، ولا تسمع إلى لقول الذي لا ينطق عن الهوى، الصادق المصدق، سيد الخليقة مولانا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-، وهو يقول لك كما ورد في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه، (3/ 1525) عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا يَزَالُ أَهْلُ الْغَرْبِ ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ» خرج الإمام مسلم هذا الحديث في باب (قَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ»). وذكر فيه (9) أحاديث كلهم يدور في معنى واحد، وكان ختم هذا الباب بهذا الحديث الذي ذكرته آنفا. هذه الأحاديث التسعة تنطبق على تماما على خير جنود الأرض -والخيرية على المجموع-، جنود أرض الكنانة مصر. وهذا ما أكده الحافظ السيوطي -رحمه الله تعالى-: ففي "شرح السيوطي على مسلم" (4/ 514): قلت: لا يبعد أن يراد بال...
كيف تكون المواجهة الفكرية للفرق المنحرفة؟ الأفكار المنحرفة عن أصول الدين وثوابته ليست وليدة العصر، بل هي قديمة من قرون، وقد كان من أوائل هذه الأفكار (فكر الخوارج)، وفكر الخوارج بدأت جزورة في حياة سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم ظهر هذا الفكر كتنظيم له أصوله وأفكاره في عهد الخليفة الراشد علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه-، وقد واجههم سيدنا الكرار بالفكر والسيف، واجههم بالفكر حينما كانوا في عزلة لا يحملون السلاح ضد الدولة، وقد أرسل إليهم حبر الأمة وترجمان القرآن سيدنا عبد الله بن عباس، وكان من وصية سيدنا الكرار له أن يحاججهم ويناظرهم بالسنة النبوية الشريفة ولا يحاججهم بالقرآن، وباب مدينة العلم يضع لكل من يأتي بعده قاعدة في غاية الدقة وخاية الروعة. باب مدينة العلم سيدنا الكرار يعلمنا أن السنة النبوية الشريفة هي الشارحة والمبينة للقرآن الكريم، والقرآن حمال أوجه، كل واحد يستطيع أن يتأول كتاب الله على غير الحق وما بعد الحق إلا الضلال. من هنا عرف أعداء الإسلام أن السنة الشريفة حصن حصين، ومن هدم هذا الحصن يستطيع بسهولة أن يتلاعب في فهم القرآن على حسب هواه دون قيد أو منهج....