التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف أذواق وإشراقات

أدين بدين الحب

أدين بدين الحب يتذرع دعاة (وحدة الأديان) بأبيات لسلطان العارفين السيد محيي الدين بن عربي -قدس الله سره- ذكرها في ديوان (ترجمان الأشواق). والتي يقول فيها: لقدْ صارَ قلبي قابلاً كلَّ صورة ٍ*** فمَرْعًى لغِزْلاَنٍ وديرٌ لرُهْبانِ وبَيْتٌ لأوثانٍ وكعبة ُ طائفٍ *** وألواحُ توراة ٍ ومصحفُ قرآنِ أدينُ بدينِ الحبِّ أنَّى توجَّهتْ*** رَكائِبُهُ فالحُبُّ ديني وإيماني ويدعون -وقد كذبوا- أن سلطان العارفين ينادي بوحدة الأديان  فما الجواب؟ قلت: إن سلطان العارفين السيد محيي الدين بن عربي -قدس الله سره- من أشد الناس تمسكا بالشرع الشريف، وما قصد بهذه الأبيات الدعوة لوحدة الأديان قط. لأنه -قدس الله سره- شرح هذه الأبيات بنفسه في ديوانه ترجمان الأشواق وهو مطبوع. وإليك معنى ما يقصده -قدس الله سره- أشرحه بصورة مبسطة: الشيخ في هذه الأبيات يشير إلى الواردات الإلهية على القلب، وما سمي القلب قلبا إلا لتقلبه، والقلب بين أصبعين من أصابع الرحمن كما ورد في الحديث النبوي. والمعنى من الحديث أن الله تعالى فعال لما يريد، مرة يرد قلبك للجلال ومرة للجمال. فهو القابض وهو الباسط، ...

علم الكلام والتجربة الصوفية

دراسة علم الكلام لا بد أن يكون معها التجربة الصوفية الذاتية على أصول أهل السنة والجماعة حتى تتكامل المعرفة، ويتناغم العقل مع القلب، ويثمر هذا التمازج إنسانا كاملا، فدراسة علم الكلام دون التجربة الصوفية تثمر إغراقا في العقلانية دون الوصول إلى التذوق الإيماني والانجذاب القلبي، أما الاستغراق في التجربة الصوفية دون أصول علم الكلام فهو غالبا ما يثمر جهلا بالحقائق، وتصادم مع العقل، وحيرة في السلوك، وربما أدى به المطاف إلى السقوط في عقائد باطلة.

لا يرتجي الوصول من لم يتبع الرسول

لا يرتجي الوصول من لم يتبع الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أدرك المستشرقون تماما قوة البعد الروحي المبني على التزكية والتربية المؤصلة على أركان الأخلاق المستمدة من أخلاق الأنبياء والمرسلين، وعلموا أن أكبر عقبة تواجههم في هدم الأديان والتلاعب بها والتحريف في قواعدها، لأن العقيدة المبنية على أسس التزكية عقيدة راسخة متينة تتجزر في عمق النفس الإنسانية، شجرة عتيقة أخرجت شطأها واستوت على سوقها. فاهتم علماء الاستشراق اهتماما بالغا بدراسة الجوانب الروحية عند المسلمين، فاهتموا بكتب وموسوعات أهل التصوف من أهل الله، سرقوا علوم أهل الله المبثوثة في مصنفاتهم، ثم وجهوا خطتهم حتى يهدمون أعظم ركن من أركان التبليغ وهو ركن (التزكية والتربية) لأنهم علموا أن أعظم ما يمدح به الإنسان هو (الخلق) فصاحب الخلق يدع للدين بدون أن ينطق بحرف، دون أن يصرخ في وجوه الناس بالمواعظ، دون أن يصنف أو يدبج المقالات، صاحب الخلق يحمل بين جنباته قوة روحية تهيمن على من ينظر إليه، وينجذب إليه الكل أينما رحل وإينما حل، صاحب الخلق يخترق بحسن خلقه القلوب القاسية فتلين له، ويوجه من يراه إلى الطريق المستقيم ...

من فرح بنا فرحنا به

                                   (من فرح بنا فرحنا به). لا أحسب أن مسلما على وجه الأرض لا يفرح بمولد سيدنا رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم-، لأنه منة الله العظمى لجميع العوالم علويها وسفليها، وما هناك حدث مر على تاريخ الكون كله أعظم ولا أجل ولا أشرف من يوم مولد السراج المنير، الذي كان مولده نور رباني سيبدد الظلم والظلمة، كيف لا وقد رأت أمه هذا النور المحمدي الذي سطع على الكون، ففي "المستدرك على الصحيحين" للحاكم (2/ 453): عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَقُولُ: «إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ، وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَأَبِي مُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْ ذَلِكَ أَنَا دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبِشَارَةُ عِيسَى، وَرُؤْيَا أُمِّي آمِنَةَ الَّتِي رَأَتْ» وَكَذَلِكَ أُمَّهَاتُ النَّبِيِّينَ يَرَيْنَ، وَأَنَّ أُمَّ رَسُولِ اللَّ...

الحِكمةُ في الأفعال

الحِكمةُ في الأفعال حِكمةُ الأفعالِ: الفِعلُ هو: ما يَترُكُ أثراً بالمَفعولِ بهِ –إيجاباً أو سلباً –هدايةً أو ضَلالاً –تَعمِيراً أو تخْريباً –رحمةً أو عنفاً، وهَذه الأفعالُ مصْدرُها (نيةٌ، وهِمةٌ، وعَزيمَةٌ)، ووجودُ المعطياتِ لهُم. والحِكمةُ هي: الضابطُ للنيَّةِ، وهى المُراقبُ للتصرُّفِ، وهى الإعانةُ لتحقيقِ الرَّغبةِ، أو الهدفِ لتُحقق سعادةٍ للمرْءِ في حياتِهِ قبل مماتِهِ. وحِكمةُ الأفعالِ: تحتاجُ إلى مَعْرفةِ الفِعْل، وحالِهِ، ومداخِلِهِ، ومخارجِهِ، وعواقِبِهِ، وثِمَارِه، ليَجْنِى المَرْءُ ثمَرَةَ ما يَبغيهِ وينفعُ به نفسَهُ وغيرَهُ، ولذا يصلُ إلى مقامِ الصالحينَ الذين صَلُحت أفْعالُهُمْ، وتَرَكَتْ أثَراً مُبَارَكاً فِي ذَوِيهِمْ ومُجالِسِيهِمْ وأهْلِ صُحْبَتِهمْ. وحِكمةُ الأفْعالِ: هي الموجِّهُ الأمينُ لأصْحَابِ الرِّسَالاتِ الدِّينِيَّةِ والحَيَاتِيَّةِ، لأنه اسْتَعْمَرَ الخَلْقَ أرضَهُ ليُعَمِّرُوها، وبعثَ فيهِمْ رُسُلَهُ لينَظِّمُوهَا، ويَتَعَامَلُوا معها بِمُرَادِ اللهِ لا بِمُرَادِهِمْ، لأنَّ مرادَ اللهِ تعالى هو مَصْدَرُ الحِكمةِ وموضِعُ الهدايَةِ وسبيلُ الوصُو...

من إشراقات العارف بالله الشيخ محمد المهدي عبد الله

 من إشراقات العارف بالله الشيخ محمد المهدي عبد الله   أوصاني شيخي السيد محمد المهدي عبد الله -قدس الله سره_ فقال: يا ولدي: * إن الإنسان في الوجود لا يذكر إلا بذكر الله له. * كم من أناس ذكروا في أزمانهم ثمَّ أنسى الله الزَّمان أسمائهم. * كم من أناس فقدهم النَّاس في أزمانهم، ذكرَّ الله الزمان بهم، وجعلهم سادة يقصدون عند الحوائج. * إذا أردت أن تُذكر، عليك بالمذكر الأعظم النَّبي الكريم سيد الوجود محمَّد بن عبد الله بن عبد المطلب -صلى الله عليه وآله وسلم- لتذكر بذكره. * ذكر الله هو: إقامتك في حضرة القدس تأنس بمناجاته. * إذا أردت أن تذكر الله، اذكر نعمته عليك. * إذا أردت نور المكاشفة، عليك بنشر ديوان المحاسبة. * إذا ذكرت الله عند حلاوة الطعوم، أيقظ الله عندك عزائم الأمور. * إذا ذكرت الله في القضاء، أذاقك الله حلاوة الرضا. * العلم نور، سراجه المحبة، والمحبة كالشجرة المباركة، يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار، نور على نور. * العلماء مهابط الإلهام، وأدلاء على سبل السلام. * تذكر يوما عصيت الله فيه، فاجبره بدمع الندم. * إذا دعاك الشَّيطان إلى وليمة ال...

من إشراقات العارف بالله الشيخ محمد المهدي عبد الله

النـــور الأســنى النور هو المعروف والغني عن التعريف وهو الذى لا تستغن عنه العين حينما تسعى إلى المحسوس موضعا، والملموس عقلا. وهو الذى ينشر الأمان، ويحقق السكينة والاطمئنان، ولا يستغن عنه كائن حي ولا جماد متحجر ليتميز عن غيره لوناً وشكلاً.  ومصادر هذا النور معروفة للناس عامة ولا داعى للحديث عنها. ولكن يجب أن نتعرف على النور الأسنى وهو: النور الوضاء الذى يزداد سطوعا وتلألؤا كلما اقترب العبد من ربه تشوقا إلى مناجاته، وتطلُعا إلى فضله وفيوضاته. وهذا النور هو الذى يرى به القلب، وتنظر به البصيرة في دقائق الأمور، ورقائق الحكم، وهو الذى يمنحه الله -سبحانه وتعالى- لمن شاء من عبادة اصطفاء لهم ليكون حاملا لسر البيان، وجوهر التبيان. وهو ما يسمى بالشرح الذى يستطيع العبد التلقي به عن ربه فقه خطابه، وبيان مراده. وهذا النور هو حياة القلوب وسراج العقول، ومداد الفحول. وهو البينة التي أرادها الله -سبحانه وتعال-ى في قوله –تعالى-:  { أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِ...

من درر وإشراقات السيد علي الخواص

من درر وإشراقات السيد علي الخواص وكان -رضي الله عنه- يقول: 1-   آفة العقل الحذر. 2-    وآفه الإيمان الإنكار. 3-    وآفة الإسلام العلل. 4-    وآفة العمل الملل. 5-    وآفة العلم النفس. 6-    وآفة الحال الأمن. 7-    وآفة العارف الظهور. 8-    وآفة العقل الجور. 9-    وآفة المحبة الشهوة. 10-   وآفة التواضع المذلة. 11-   وآفة الصبر الشكوى. 12-   وآفة التسليم التفريط. 13-   وآفة الغنى الطمع. 14-   وآفة العز البطر. 15-   وآفة الكرم السرف الزائد. 16-  وآفة البطالة الفقر. 17-   وآفة الكشف التكلم. 18-   وآفة الاتباع التأويل. 19-  وآفة الأدب التفسير. 20-   وآفة الصحبة المنازعة. 21-  وآفة الفهم الجدال. 22-   وآفة المريد التسلل على المقامات. 23-   وآفة الانتفاع التسلق. 24-   وآفة الفتح الالتفات. 25-  وآفة الفقيه الكشف. 26-   وآفة المسلك الوهم. 27-   وآفة الدنيا شدة ال...

من إشراقات وإشارات سيدي علي الخواص

من إشراقات وإشارات سيدي علي الخواص    وسمعت سيدي عليا الخواص -رضي الله عنه- يقول:  لا ينبغي إظهار الأعمال إلا للأكابر من العلماء والصالحين الغواصين على دسائس النفوس وأما أمثالنا فربما يظهر الواحد منا أعماله رياء وسمعة وتلبس عليه نفسه وتقول له أنت بحمد الله من المخلصين وإنما تظهر هذه العبادة ليقتدي بك الناس فينبغي لمثل هذا أن يمتحن نفسه بما لو جاء أحد يفعل ذلك الخير وتنقاد الناس له مثله أو أكثر منه فإن انشرح لذلك فهو مخلص وإن انقبض خاطره فهو مراء دق المطرقة ولو أنه كان مخلصا لفرح بذلك أشد الفرح الذي قيض الله -تعالى- له من كفاه المؤونة [ أي كفاه مشقة تعليم هؤلاء ] ثم إن قالت له نفسه إنما تشوشت لفوات الخير العظيم الذي كان يحصل لك من حيث هو خير فليقل لها:  إني معتمد على فضل الله لا على الأعمال فإن دخلت الجنة فإنما هو برحمة الله -تعالى- لا بعملي فينبغي للعبد أن لا يصغي لدعوى نفسه في الإخلاص وليمتحن الشيخ أو المدرس نفسه بما إذا فرت جماعته كلهم منه إلى شخص من أقرانه وبقي وحده لا يجد أحدا يتمشيخ عليه فإن انشرح لذلك فهو مخلص وإن حصل في نفسه حزازة فالواجب عليه أن ي...

نفحات العلي الوهاب من فيوضات فاتحة الكتاب - الشيخ أحمد معزوز زاوية الشريف بلقايد

النـــُّور الأسنى في كشف معنى التَّسليم

النـــُّور الأسنى في كشف معنى التَّسليم سلّم: دفع إليه الشيء، وتسلم: أخذه.  والتسليم بذل الرضا بالحكم.  والتَّسليم أيضا: السَّلام. وأسلم: دخل في السِّلم وهو الاستسلام.  وأسلم: من الإسلام.   وأسلمه: أي انقاد والسلام من التسليم، والاستسلام.  والسَّلام: اسم من أسماء الله، وهو البراءة من العيوب. وقلب سليم: يعنى سالم.  تسليم: سلامة، وسلمه الله منها. وبعد التدقيق في ما سلف من المعاني يتضح أنَّ التَّسليم هو: استسلام لعقيدة التَّوحيد، وبذل الرِّضا بأحكامها ممن أسلم وجهه لله منقادا له، وراضيا بشرائعه، وممتثلا لحكمه، فمن سلَّم دخل في السِّلم والتَّصالح، وتجلى عليه المولى باسم السلام فبرأه من العُيوب، وزينه بالجمال والكمال والجلال، وجعله عبدًا نورانيًا في أذكاره، محمديا في أخلاقه، معافا من الشائنات، وسالما من المهلكات. فالتسليم راحة للقلب، وطمأنينة للنفس، وحرز للروح، وسلامة القلب من الآفات المعطلات لسلطان الإرادة، والحاجبة للمرادات الروحية كالسبح في ملكوت الآيات الكونية، وفى ملكوت المعاني القرآنية، ومشاهدة أسرار المبهمات الحسية والمعنو...