البخاري (مش) معصوم... وعلاقتها بالثورات
نعم قد تستغرب هذا العنوان، وتظن كل الظن أنه لا علاقة بين الجملتين من أي وجه، ما علاقة البخاري بالثورات التي دمرت دول المسلمين، وحولتهم إلى جمتمعات متنافرة، يذبح بعضهم بعضا.
في الحقيقة جملة (البخاري مش معصوم) هذه الكلمة التي بدأنا نسمعها من قبل الثورات التي خربت دول إلاسلام بزعم (الظلم والإصلاح) تركزت عندنا في بؤرة اللاشعور، هذه الكلمة كالبذرة تنبت وتتفرع لأفرع كثيرة في (المخ) وتصير هذه الكلمة حاكمة على كثير من التصرفات عند من انقاد لفلسفة البرمجة (اللغوية).
البخاري (مش معصوم) كلمة حق أريد بها باطل، تماما كما قال الخوارج الأول (لا حكم إلا لله) وركزوها وكرروها على الناس ففتتوا بها جيش سيدنا الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-
يعني هذه الكلمة عملت (انقسام) في الجيش، بل وخلخلة في الثقة في (القائد الأعلى) للجيش وخليفة المسلمين,
تخيل يا مسلم (لا حكم إلا لله) أربع كلمات عملت انقسام في الجيش، ونزعت الثقة من أعلى رأس في الدولة، وصورت لكثير من الناس أن رأس الدولة (الخليفة) يتلاعب بأحكام الشريعة ويخالف القرآن والسنة، وفي نهاية المطاف كانت هذه الكلمات الأربع سببا مباشرا في عملية اغتيال قذرة نفذها الخوارج أصحاب كلمة (لا حكم إلا لله).
هذا الكلمة التي حاول الخليفة الإمام علي -كرم الله وجهه- أن يردها عليهم ويعمل عملية وعي واستخراج تأثيرها من (اللاشعور) عند المتلقي، وقال قولته المشهورة: (كلمة حق أريد بها باطل)، ومع أن هذا الجواب هو جواب صحيح، لكن عامة (الانطباع الأول يدوم)، وعادة (المهاجم يأثر أكثر من المدافع).
فكان ما كان.
نفس هذه الكلمة (البخاري مش معصوم)، فقد أحدثت حالة من خلخلة المجتمعات وضربت بعمق في أهم قواعد التعامل في علم الاجتماع.
لماذا؟
هم يعلمون أن المسلمين يعظمون السنة النبوية الشريفة، وأعظم من دون صحيحها هو محمد بن إسماعيل البخاري (صحيح البخاري) بل وصل عند العامة أنهم يحلفون (بالبخاري).
هم يعلمون أن من أهم القواعد بل من أهم عمليات التوثيق في كل علم هو (الخبر)، والخبر هو عبارة عن نقل كلام أو فعل من شخص إلى آخر.
فالحديث أنا سمعته من فلان الذي سمعه من فلان وهكذا إلى أن ينتهي السند إلى القائل.
فالخبر في الحقيقة كل البشرية تعتمد عليه في خلال (الأربع وعشرين ساعة)، لأن أكثر وسائل تلقي المعلومات هو الخبر عبر الكلام.
والخبر يتعمد على الصدق من الناقل، فكون الانسان يتأثر بكل ما يسمع دون أن يتثبت من الخبر مصيبة وكارثة كبيرة.
عملية التوثيق جاء بها كتاب الله في قوله:
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } [الحجرات: 6]
ولذلك حينما أضرب في أهم وسائل نقبل الخبر، فإنما أقوم بزرع نبت شيطاني في كل عقل وهو انعدام (الثقة) في كل إنسان، انعدام ثقة الولد في والده، والبنت في أمها، وانعدام الثقة في العلماء، وانعدام الثقة في رجال الدولة وهكذا.
ولو تفكرت قليلا ستجد أن كل المشاكل أو أغلبها هي بالفعل ناتجة عن خلخلة الثقة أو نزعها منا جميعا فقد أصبحنا نشك في كل إنسان من حولنا.
في هذه المرحلة وأثناء ضرب وسيلة نقل العلوم والمعارف بل وكل نشاطات الحياة وهو (الخبر) حتما سيكون هناك عملية نشر للأكاذيب ويفشو الكذب بصورة رهيبة، وفشو الكذب لما قتل علم كبير ومهم وهو علم التثبت من (الخبر) وهو البحث عن صدق ناقل الخبر، فقد أصبح من السهولة التأثير على شرائح متنوعة في المجتمعات بوسيلة الكذب المصنوع باحترافية.
(البخاري مش معصوم) كلمة حق أريد بها باطل، فالبخاري كشخص ليس معصوما لكنه عنده حالة كبيرة وعجيبة من الصدق الذي هو ضد الكذب، وهل يستطيع الإنسان أن يصل لحالة لا يستطيع معها الكذب نعم وألف نعم، زد على ذلك الجماعة العلمية المتخصصون اختبروا كتابه وقلبوه حرفا حرفا فوجدوا أنه يحصل على ( ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى) لم يعطه هذه الدرجة لجنة مكونة من بضع أساتذة، بل شكلت لجان عبر قرون من ألوف من أكفأ العلماء وكلهم أعطوه هذه الدرجة.
فجملة (البخاري مش معصوم)
ليست جملة تردد لهدم الثوابت الدينية وفقط، بل لهدم كل حياة المجتمع، ويصير كل شيء نسبي ليس له ضوابط تحكمه، وهو جزء من نظرية (الفوضى الخلاقة)
جملة (البخاري مش معصوم)، كان من تأصرها موجة إلحاد كبيرة جدا في الوطن العربي، لأنها ببساطة عملت (صدمة في العقل) تجاه كل مقدس السنة أولا ثم القرآن.
الناس تظن أن علم التوثيق علم خاص بالحديث النبوي فقط، وهذا من أكبر الأخطاء، فعلم التوثيق في كل علم وفي أحدايثنا اليومية، لا بد أن تفرق بين الصادق والكاذب، وما درجة الصدق والكذب، وإلا ستدخل في سلسلة لا نهاية لها من النميمة والغيبة وقذف الأعراض واتهامات ىلأبرياء بل ويؤدي عدم التثبت من (الخبر) إلى القتل.
في النهاية أقول:
لا تستمع لدعوات هدامة من أشخاص انعدم عندهم الصدق ويعيشون على الكذب لتخريب المجتمعات بدعاوى باطلة، ومع أن أحوالهم ظاهرة في الفسق والفجور ومساوي الأخلاق.
وتثبت جيدا في كل ما تقرأ وتسمع واستعمل وسائل تحصن بصرك وسمعك من هذه البرمجيات التي تعتمد في الأساس على (الكذب).
وحسبنا الله وكفى والله غالب على أمره
تعليقات
إرسال تعليق