دراسة علم الكلام لا بد أن يكون معها التجربة الصوفية الذاتية على أصول أهل السنة والجماعة حتى تتكامل المعرفة، ويتناغم العقل مع القلب، ويثمر هذا التمازج إنسانا كاملا، فدراسة علم الكلام دون التجربة الصوفية تثمر إغراقا في العقلانية دون الوصول إلى التذوق الإيماني والانجذاب القلبي، أما الاستغراق في التجربة الصوفية دون أصول علم الكلام فهو غالبا ما يثمر جهلا بالحقائق، وتصادم مع العقل، وحيرة في السلوك، وربما أدى به المطاف إلى السقوط في عقائد باطلة.
السند المبارك في الطريقة القاوقجية الشاذلية المقدمة ِبسْمِ الله الرَّحْمن الرَّحيم الحمد لله الذي أفاض على أولياءه بصنوف المعارف اللدنية، والرقائق والحكم الإلهامية، وتوجهم بتاج الكرامة والفيوضات العرفانية، ونور بواطنهم بالأنوار الإحسانية واصطفاهم وخصهم لحضرته العلية. والصلاة والسلام على حقيقة الحقائق الربانية، وسر أسرار المقامات الاصطفائية، النور الذي أضاء العوالم العلوية والسفلية، الرحمة الشاملة لجميع العوالم الوجودية. وعلى آله سرج الهداية، وأقمار الولاية، ونجوم الأمان لأهل الأرض. وعلى أصحابه الذين تتزين بسيرتهم المجالس، وتتعطر بذكرهم المحافل، أساطين العلوم، وأرباب الفهوم. وعلى جميع الأنبياء والمرسلين. أما بعد: يقول العبدُ الفقير الذليل، الرَّاجي عفو ربه الجليل، أبو صُهيب فتحي بن سَعيد بن عُمر بن أحمد بن خليل، الحُجَيري نسبًا، المالكي مذهبًا، الأشعري عقيدةً، القاوقجي الشَّاذِلي طريقة لقد شرفني الله "سبحانه وتعالى" وسلكت طريق السَّادة الصَّوفية القَاوقْجِيَّة الشَّاذِليِّة، سنة اثنتا عشر وأربعمائة وألف من الهجرة النبَّوية، وكان عمري آن ذاك ما يقرب من ال...