الحِكمةُ في
الأفعال
حِكمةُ الأفعالِ:
الفِعلُ هو: ما يَترُكُ أثراً بالمَفعولِ بهِ –إيجاباً أو سلباً
–هدايةً أو ضَلالاً –تَعمِيراً أو تخْريباً –رحمةً أو عنفاً، وهَذه الأفعالُ
مصْدرُها (نيةٌ، وهِمةٌ، وعَزيمَةٌ)، ووجودُ المعطياتِ لهُم.
والحِكمةُ هي: الضابطُ للنيَّةِ، وهى المُراقبُ للتصرُّفِ، وهى
الإعانةُ لتحقيقِ الرَّغبةِ، أو الهدفِ لتُحقق سعادةٍ للمرْءِ في حياتِهِ قبل
مماتِهِ.
وحِكمةُ الأفعالِ: تحتاجُ إلى مَعْرفةِ الفِعْل، وحالِهِ، ومداخِلِهِ،
ومخارجِهِ، وعواقِبِهِ، وثِمَارِه، ليَجْنِى المَرْءُ ثمَرَةَ ما يَبغيهِ وينفعُ
به نفسَهُ وغيرَهُ، ولذا يصلُ إلى مقامِ الصالحينَ الذين صَلُحت أفْعالُهُمْ،
وتَرَكَتْ أثَراً مُبَارَكاً فِي ذَوِيهِمْ ومُجالِسِيهِمْ وأهْلِ صُحْبَتِهمْ.
وحِكمةُ الأفْعالِ:
هي الموجِّهُ الأمينُ لأصْحَابِ الرِّسَالاتِ الدِّينِيَّةِ
والحَيَاتِيَّةِ، لأنه اسْتَعْمَرَ الخَلْقَ أرضَهُ ليُعَمِّرُوها، وبعثَ فيهِمْ
رُسُلَهُ لينَظِّمُوهَا، ويَتَعَامَلُوا معها بِمُرَادِ اللهِ لا بِمُرَادِهِمْ، لأنَّ
مرادَ اللهِ تعالى هو مَصْدَرُ الحِكمةِ وموضِعُ الهدايَةِ وسبيلُ الوصُولِ إلى
المأمُولِ في الحياةِ الدنيا وفى الآخرةِ، وما فَسَدَ حالُ القَوْمِ، وانتشرَ
الوباءُ بينَهُمْ وترَكُوا التَّعْمِيرَ الذي أرادَهُ اللهُ Iإلا بسبَبِ تَرْكِهِمْ
الحِكمةَ، وفُقدانِهم لها، ومَنْ فَقَدَ الحِكمةَ فَقَدْ فَقَدَ الوَعْيَ، ومَن
فَقَدَ الوعْيَ كان سَفِيهاً في تَصَرُّفِهِ، عنِيداً في حِوَارِهِ، لئِيماً في
مُعَامَلَتِهِ، وقد تَزَيَّا بِزِىِّ الحماقةِ، لا يَرَى الحقَّ إلا مَعَهُ، وفى
الحقيقةِ إنَّه إمَّعَةٌ، وَقَدْ بيَّنَ النبيُّ r ذلِكَ
في حَدِيثِهِ لِيُبَيِّنَ قُبْحَ هذه
الصِّفةَ فعن حُذَيْفةَ t قال: قالَ رسولُ اللهِ r: (( لا
تَكُونُوا إمَّعَةً، تَقُولُونَ إنْ أحسَنَ الناسُ أَحْسَنَّا، وإن ظَلَمُوا
ظَلَمْنا، ولَكِن وَطِّنُوا أنفُسَكُمْ، إنْ
أحْسَنَ الناسُ أَنْ تُحْسِنُوا وَإِنْ أسَاءُوا فلا تَظلِموا))([1])
وللأسَفِ الشَديدِ في حياتِنا العَصْرِيَّةِ وإعلامِنا الفاسِدِ،
قَدِ اتَّصَفَ بهذهِ الصِّفَةِ فأضَرَّ نفسَهُ وأضَرَّ غيرَهُ، وما جَنَي
المُجْتَمَعُ منْهُ إلا العُنفَ والتَّدْمِيرَ والتَّخْريبَ، عن جهالةٍ وضَلالَةٍ.
ومن أمثلَةِ حِكْمةِ الأفْعالِ التي صَدَرتْ عن نِيَّةٍ
مُشرقَةٍ بأنْوارِ التَّوحِيدِ وهدايَةِ الحبِيبِ -صلى الله عليه وسلم- ما
وَرَدَ في غَزْوةِ بدرٍ، حينما تواعَدَ المُسْلمونَ والمشركونَ عندَ بدرٍ فاقرَأْ عن غزوة بدرٍ حينما استشارَ الرسولُ
-صلى الله عليه وسلم-
أصحابَه.
ويُكَذِّبُ كَذِباً بَيِّناً مَن يدَّعِى أنَّهُ مسلمٌ وقدْ
خالفَ الإسْلامَ في حِكمتِهِ المُتَمَثِّلَةِ في شَجَرَةِ هدايَتِهِ أي - كِتَابَ
اللهِ العَزيزِ - الذي لا يأتِيهِ الباطلُ من بين يديه ولا من خلفه، في مواقفَ
عِدَّةٍ منها كيفيةِ التعامُلِ مع حالِ المنافقينَ والمشركينَ، ومخاطَبَتِهمْ
وإسكاتِهِمْ عن الجوابِ، لدليلٌ كاف يدل على حِكمَةِ الأفْعالِ.