التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أشرف الأنساب وأعلاها

أشرف الأنساب وأعلاها وأرقاها وأسماها، هو النسب المتصل بسيدنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وشرف النسب منة ومحض فضل وعطاء من الله.
والأنساب لها حرمتها شرعا وتحقيقا، أما من الناحية الشرع الشريف، فمن مقاصد الشريعة (حفظ النسب)، وقد حرم الله -تعالى- كل ما يهد ويخرب هذا المقصد، حتى حرم التبني وحرم الزنا، وحرم القذف، حفاظا على هذا المقصد الشرعي العظيم.
أما من ناحية الحقيقة فكل سبب ونسب مقطوع يوم القيامة إلا سبب ونسب سيدنا رسول الله.
وما من بطن من بطون العرب إلا وله وصلة بنسب من سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قريبا أو بعيدا، قال الله -تعالى-: { قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23]. قال حبر الأمة وترجمان القرآن سيدنا ابن عباس -رضي الله عنهما-: (لم يكن بطن من بطون قريش إلا وبين رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وبينهم قرابة).
ومن لم يكن له النسب الجسدي فكل مسلم له نسب السبب وهو الإسلام.
وهو الحسب العظيم، ومن دعاء القطب سيدي عبد السلام بن مشيش، (اللهم ألحقني بنسبه وحققني بحسبه).
حينما أراد سيدنا -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يؤدب أصحاب النسب الشريف قال:
( يَا بَنِي هَاشِمٍ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا فَاطِمَةُ، أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ، فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبَلَالِهَا)) صحيح مسلم (1/ 192).
وسيدنا له أن يؤدب من شاء بما شاء، وعلى أصحاب النسب الشريف أن يقولوا سمعنا وأطعنا جدنا -صلى الله عليه وآله وسلم-.
وأدب أصحاب السبب فقال:
(( كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ سَبَبِي وَنَسَبِي ")) لَفْظُ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُرْسَلٌ حَسَنٌ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ مَوْصُولًا وَمُرْسَلًا.
السنن الكبرى للبيهقي (7/ 102).
وأدب الكل أصحاب السبب والنسب فقال:
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى أَبَلَّغْتُ» ، قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ)) مسند أحمد مخرجا (38/ 474).
ألا فكل يراعي تأديب سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فإن من ساء الأدب سواء كان له النسب أو السبب أو كان جماعا بينهما، فليعد لعتاب سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- جوابا.
***
لا تدع حب أصحاب النسب أو السبب، ولا تنصحهم فالدين النصيحة، وكن رفيقا بهم في مواطن، واغلظ عليهم في مواطن، مع استقرار قلبك على دوام المحبة لهم.
فقد قال الصادق -صلى الله عليه وآله وسلم-
«لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» صحيح البخاري (1/ 12).
وإن لم كن السادة الأشراف هم في مقدمة الصفوف في الدفاع عن الشرع الشريف ضد الفرق المنحرفة فمن؟، وهم أولى الناس بالتمسك بما عليه الأقطاب والعارفون والأولياء، وهم والحمد لله في كل عصر هم أهل العلم والمدد والنور والعلم.
اللهم لا تجعل في قلوبنا غلا للذين ءامنوا، واجعل نصحنا سرا وعلانية في محبة أمة سيدنا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-، خالصا لوجهك الكريم، واجعلنا أهلا للنصح، ولا تجعلنا ممن يقولون ولا يفعلون.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السند المبارك في الطريقة القاوقجية الشاذلية

السند المبارك في الطريقة القاوقجية الشاذلية المقدمة ِبسْمِ الله الرَّحْمن الرَّحيم الحمد لله الذي أفاض على أولياءه بصنوف المعارف اللدنية، والرقائق والحكم الإلهامية، وتوجهم بتاج الكرامة والفيوضات العرفانية، ونور بواطنهم بالأنوار الإحسانية واصطفاهم  وخصهم لحضرته العلية. والصلاة والسلام على حقيقة الحقائق الربانية، وسر أسرار المقامات الاصطفائية، النور الذي أضاء العوالم العلوية والسفلية، الرحمة الشاملة لجميع العوالم الوجودية. وعلى آله سرج الهداية، وأقمار الولاية، ونجوم الأمان لأهل الأرض. وعلى أصحابه الذين تتزين بسيرتهم المجالس، وتتعطر بذكرهم المحافل، أساطين العلوم، وأرباب الفهوم. وعلى جميع الأنبياء والمرسلين. أما بعد: يقول العبدُ الفقير الذليل، الرَّاجي عفو ربه الجليل، أبو صُهيب فتحي بن سَعيد بن عُمر بن أحمد بن خليل، الحُجَيري نسبًا، المالكي مذهبًا، الأشعري عقيدةً، القاوقجي الشَّاذِلي طريقة لقد شرفني الله "سبحانه وتعالى" وسلكت طريق السَّادة الصَّوفية القَاوقْجِيَّة الشَّاذِليِّة، سنة اثنتا عشر وأربعمائة وألف من الهجرة النبَّوية، وكان عمري آن ذاك ما يقرب من ال...

نبذة عن حياة الشريف، إسماعيل النقشبندى -رضى الله عنه-

نبذة عن حياة الشريف،   إسماعيل النقشبندى -رضى الله عنه- هو الحسيب النسيب، سليل بيت النبوة والفتوة، مولانا الإمام الشريف إسماعيل بن تقاديم بن رحمة، بن الأمير أحمد أبو سليمان، بن الأمير سعيد، بن الأمير سعد، بن الأمير زيد الحسني، وأمه هى الشريفة رية بنت الإمام محمد أبو بكر الميرغني، وشقيقة كل من القطب الكبير سيدى محمد عثمان الميرغنى، وسيدى الإمام عبد الله الميرغني، مفتى مكة والشريفة مريم أم  القطب العظيم سيدى محمد بن ناصر الإدريسى المشيشى المغربى. ولد شيخنا -قدس الله سره- فى الحادى عشر من شوال سنة ١٢١٦هـــ من هجرة النبى -صلى الله عليه وسلم-، فى قرية الدنيق بمديرية بحر الغزال بجنوب السودان، حيث هاجر جده اليها من مكة لظروف سياسية أجبرته على ذلك. حفظ الشيخ القرآن الكريم مبكرا، ثم ألحقه جده الشريف (رحمة ) بمحضرة سيدى المختار الكنتى بصحراء أزواد من بلاد شنقيط، ومكث بها عشر سنين تضلع فيها من العلوم العربية والشرعية على سيدى المختار الكنتى الشنقيطى، ثم على ولده وخليفته سيدى محمد المختار، وفى عام ١٢٣٥هــ التحق -رضى الله عنه- بالأزهر الشريف وأخذ عن علمائه الأجلاء ، وعاد...

العَارفِ بالله السَّيد محمَّد بن عبد الرحيم النُشَّابي الحسني

                                 العَارفِ بالله السَّيد محمَّد بن عبد الرحيم النُشَّابي الحسني هو العالم العلامة، والحبر الفهامة، مرشد السالكين، ومربي المريدين، سيدي محمد بن عبد الرحيم النشابي الحسني الشافعي الشاذلي الأحمدي الطنتدائي.  شريف حسني من جهة أبيه وحسيني من جهة أمه. وهو: محمد بن عبد الرحيم بن عبد الوارث بن خليل بن علاء الدين بن إبراهيم بن جمال الدين بن محمد بن الأخضر بن داود بن أحمد بن محمد بن حسن بن محمد بن عبد الله أبي نشابة (سيدي عبد الله أبي نشابة ضريحه بالضهرية من قرى محافظة البحيرة وإليه تنسب الأسرة, وكان من أصحاب القطب الدسوقي) بن مرعي بن أحمد القناوي بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن علي بن يونس بن سلامة أبي الأنوار عن ترك بن سلامة الأواب بن إبراهيم بن علي بن محمد بن داود بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن عبد الله بن الحسن المثني بن الحسن السبط بن علي ابن أبي طالب زوج فاطمة الزهراء بنت سيد الوجود صلى الله عليه وسلم. ولد عام 1261هـ (1845م) وكان من أكبر علماء الأزهر وأ...