التنمية البشرية
موسوعة إحياء علوم الدين لحجة الإسلام الغزالي أعظم موسوعة علمية إسلامية في التنمية البشرية وصناعة إنسان مسلم، لأن هذه الموسوعة القيمة تهتم بالعقيدة والفقه والتزكية، وهي موجة للعلماء والعوام، فإذا أراد العالم أن يعرف أين موضع قدمه فما عليه إلا أن يطالع هذه الموسوعة، فلن يخرج منها إلا بمعرفة نفسه هل هو من علماء الدنيا، أم من علماء الآخرة، هل هو ممن يتاجر بالعلم، أم أن العلم حجة له يوم القيامة، هذه الموسوعة بحق كاشفة للنفس البشرية وأمراضها وكيفية علاجها، فلذلك اهتم الصالحون بهذه الموسوعة القيمة في معاهدهم العلمية، وأكثر من اهتم بها هم أرباب السلوك والتربية، فقد كان الإمام القطب الشاذلي -قدس الله سره- ممن يعرف لحجة الإسلام الغزالي قدره ومنزلته، وكان مهتما بهذا الكتاب اهتماما كبيرا، بل أوصى بهذا الكتاب، وأخبر أن هذا الكتاب المداومة على مطالعته يورث العلم.
التنمية البشرية في موسوعة إحياء علوم الدين، منبعها القرآن والسنة، أما التنمية البشرية الغربية التي تسوق في بلاد المسلمين، فمنبعها ديانات وضعية بوذية على هندوسية على كونفوشيوسية، وهذه التنمية البشرية على النمط الغربي، تربي في الإنسان (الأنا) والتعالي، ونسيان فاعلية الله -تعالى في الكون- وأنه فعال لما يريد، هذه التنمية تجنح للمادية المهلكة أو الشيطانية.
والملاحظ أن كثيرا ممن انخرط في علوم التنمية البشرية أصيب (بالأنا) والعجب والكبر، والتعالي، حتى ولو تظاهر بخلاف ذلك، لأنه لم يتدرب على الذل والانكسار والتواضع الحقيقي، كما أنهم تتملكهم المادية فهم يلهثون وراء الشهرة بأي شكل وبأي طريق، ويجيدون التسلق، ويحبون المال والشهرة حبا جما.
أما التنمية وصناعة الإنسان عندنا معاشر الصوفية، ففيها الفتوة مع التواضع، والذل والانكسار مع عزة المؤمن، فيها الزهد مع العمل بالأسباب وربط الأسباب برب الأسباب الفعال لما يريد، فيها الحب في الله وأيضا البغض في الله، فيها التعلق بالآخرة مع العمل بما هو مشروع من أمور الدنيا، كل هذا لن تتعلمه من التنمية البشرية الغربية، لأن هذه التنمية تفقد أعظم ركن في صناعة الإنسان (العقيدة الحقة) عقيدة منبثقة من (لا إله إلا الله محمد رسول الله) منبثقة من (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)
إحياء علوم الدين كتاب حارب به الصالحون الغنوصية والباطنية الذين اخترقوا المسلمين بعلومهم الباطنية والتي كانوا يقومون ببرمجة الإنسان بها برمجة عجيبة وغريبة كما ظهر ذلك جليا في فرقة الحشاشين والقرامطة، هذه الغنوصية التي اعتمدت على السحر والشعوذة وعبادة الشيطان، فقد كان هذا الكتاب منهج علمي وروحي لصناعة إنسان يدخل النور الرباني في قلبه حتى يقاوم هذه الظلمانية التي نشرها الغنوصيون.
أحياء علوم الدين أحيا ديار المسلمين بعد سيطرة هذه الفرق الباطنية عليها فخرج هذا الكتاب القادة والعلماء والوزراء والصالحون، حينما درس هذا الكتاب وقرر على المدارس العلمية
