عليك بما عليه السواد الأعظم من علماء الأمة المشهود لهم بالعدالة والثقة، ولا تأمن على الحي الفتنة، وخاصة في هذا العصر الذي يظن كل من قرأ كتابا أو كتابين صار يناطح فحول الأمة ومجتهديها، ويهرف بما لا يعرف، ويتكلم بكلام ما أنزل الله به من سلطان، ولم يسبقه به أحد من العالمين.
فاحذر أشد الحذر وقد قال السادة من السلف الصالح : (إن هذا العلم دين فانظروا عن من تأخذون دينكم).
ثانيا: بداية لا مانع شرعا من الدعاء للكافر الحي فيما هو من أمور الدنيا كالشفاء من المرض ورزق الولد والدعاء له بالهداية والإيمان.
قال النووي في المجموع: وأما الصلاة على الكافر، والدعاء له بالمغفرة فحرام بنص القرآن والإجماع أما الدعاء له بالهداية، والدخول في الإسلام فيجوز ... انتهى.
فاللهم إن نسألك بحق جاه سيدنا محمد أن تشرح صدر من عمي عن نور الإسلام إلى الإيمان.
ثالثا: أما الدعاء لمن مات كافرا فلا يجوز الدعاء له بالاستغفار، أو الرحمة، أو تخفيف العذاب، أو عدم تخليده في النار، لأن كل هذا وردت به النصوص القطعية من كتاب الله -تعالى- وتكذيب النصوص جريمة عظمى يخشى على صاحبه الكفر –والعياذ بالله- وهذا ليس كلامي وإنما هو على ما ذكره الإمام الحجة المجتهد الإمام القرافي المالكي –رحمه الله- وسأنقل لك نصوصه في هذا المقال إن شاء الله.
رابعا: لا شك ولا ريب أن سيدنا محمد –صلى الله عليه وآله وسلم- هو خاتم الأنبياء والمرسلين، ومن سمع برسالته ووصلته دعوته كائنا من كان ولم يؤمن به –صلى الله عليه وآله وسلم- ومات على الكفر به فهو من أهل النار خالدا مخلدا فيها.
ففي (صحيح مسلم) (1/ 134): عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه-، عَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ»
قال شيخ الإسلام الإمام النووي –رحمه الله تعالى- عند شرح هذا الحديث: [وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي: فَفِيهِ نَسْخُ الملل كُلِّهَا بِرِسَالَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي مَفْهُومِهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ فَهُوَ مَعْذُورٌ وَهَذَا جَارٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْأُصُولِ أَنَّهُ لَا حُكْمَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ عَلَى الصَّحِيحِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوْلُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَيْ من هُوَ مَوْجُودٌ فِي زَمَنِي وَبَعْدِي إِلَى يَوْمِ القيامة فكلهم يجب عليهم الدُّخُولُ فِي طَاعَتِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْيَهُودِيَّ وَالنَّصْرَانِيَّ تَنْبِيهًا عَلَى مَنْ سِوَاهُمَا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْيَهُودَ النصارى لَهُمْ كِتَابٌ فَإِذَا كَانَ هَذَا شَأْنَهُمْ مَعَ أَنَّ لَهُمْ كِتَابًا فَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ لَا كِتَابَ لَهُ أَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّالِثِ فَفِيهِ فَضِيلَةُ مَنْ آمَنَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ].
شرح النووي على مسلم (2/ 188).
وقال الإمام النووي –رحمه الله تعالى- في (الأذكار) (ص: 364):
[يحرمُ أن يُدعى بالمغفرة ونحوها لمن مات كافراً، قال الله تعالى: (ما كانَ لِلنَّبيّ والَّذينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لهم أنهم أصْحابُ الجَحِيمِ) [التوبة: 113] وقد جاء الحديث بمعناه، والمسلمون مجمعون عليه].
وقد أجمع المسلمون على حرمة الدعاء بالمغفرة ونحوها لمن مات كافرا كما ذكر ذلك الإمام النووي –رحمه الله- وغيره.
وقد حرم فقهاء المذاهب الأربعة طلب المغفرة والرحمة لمن مات على الكفر إليك بعضا من ننصوصهم:
1- نصوص السادة الأحناف:
جاء في (المعتصر من المختصر من مشكل الآثار) (1/ 120):
(في الاستغفار للمشرك)
عن علي رضي الله عنه قال: سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان فقلت: تستغفر لأبويك وهما مشركان؟ قال: أولم يستغفر إبراهيم عليه السلام لأبيه فذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ} وفي رواية: فنزلت {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} لم يبين في الحديث أن أبويه حيين كانا أو ميتين والظاهر أنهما كانا ميتين لجواز الاستغفار للمشرك ما دام حيا لرجاء الإيمان منه يدل عليه قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} إلى قوله: {مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} ولا يتبين ذلك إلا بموتهم وعن ابن عباس لم يزل إبراهيم عليه السلام يستغفر لأبيه حتى مات فتبين له أنه عدو لله فتبرأ منه وقيل في سبب نزول قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ}
وجاء في (درر الحكام شرح غرر الأحكام) (1/ 76):
[لَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ بِالْمَغْفِرَةِ لِلْكَافِرِ].
وفيه أيضا:
[قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَالْحَقُّ أَنَّهُ يَكُونُ عَاصِيًا بِالدُّعَاءِ لِلْكَافِرِ بِالْمَغْفِرَةِ].
وجاء في (الأصل للشيباني) (1/ 342):
[قلت: أرأيت أهل بيت يسقط عليهم البيت فيموتون جميعاً وهم مسلمون، إلا أن إنساناً واحداً فيهم كافر لا يعرف، فكيف يصنع بهم؟ قال: يغسلون جميعاً ويحنطون ويكفنون ويصلَّى عليهم، ويُنوَى الدعاءُ للمسلمين، (ولا يُنوَى الدعاء للكافرين)]
2- نصوص السادة المالكية:
ذهب الإمام المجتهد الأصولي الإمام القرافي إلى كفر من يدع بالمغفرة للكافر، أو طلب عدم تعذيبه، أو طلب عدم تخليده في النار، أو تخفيف العذاب عنه،.
فقد جاء في (الفروق) للقرافي (4/ 259):
(الْفَرْقُ الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ وَالْمِائَتَانِ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا هُوَ مِنْ الدُّعَاءِ كُفْرٌ وَقَاعِدَةِ مَا لَيْسَ بِكُفْرٍ)
اعْلَمْ أَنَّ الدُّعَاءَ الَّذِي هُوَ الطَّلَبُ مِنْ اللَّهِ –تَعَالَى- لَهُ حُكْمٌ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ طَلَبٌ مِنْ فَاَلَّذِي يَنْتَهِي لِلْكُفْرِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ:
(الْقِسْمُ الْأَوَّلُ) أَنْ يَطْلُبَ الدَّاعِي نَفْيَ مَا دَلَّ السَّمْعُ الْقَاطِعُ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى ثُبُوتِهِ وَلَهُ أَمْثِلَةٌ:
(الْأَوَّلُ) أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ لَا تُعَذِّبْ مَنْ كَفَرَ بِك أَوْ اغْفِرْ لَهُ، وَقَدْ دَلَّتْ الْقَوَاطِعُ السَّمْعِيَّةُ عَلَى تَعْذِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنْ مَاتَ كَافِرًا بِاَللَّهِ –تَعَالَى- لِقَوْلِهِ –تَعَالَى- {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48] وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ فَيَكُونُ ذَلِكَ كُفْرًا؛ لِأَنَّهُ طَلَبٌ لِتَكْذِيبِ اللَّهِ –تَعَالَى- فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ وَطَلَبُ ذَلِكَ كُفْرٌ فَهَذَا الدُّعَاءُ كُفْرٌ.
(الثَّانِي) أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ لَا تُخَلِّدْ فُلَانًا الْكَافِرَ فِي النَّارِ، وَقَدْ دَلَّتْ النُّصُوصُ الْقَاطِعَةُ عَلَى تَخْلِيدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْكُفَّارِ فِي النَّارِ فَيَكُونُ الدَّاعِي طَالِبًا لِتَكْذِيبِ خَبَرِ اللَّهِ –تَعَالَى- فَيَكُونُ دُعَاؤُهُ كُفْرٌ.
(الثَّالِثُ) أَنْ يَسْأَلَ الدَّاعِي اللَّهَ –تَعَالَى- أَنْ يُرِيحَهُ مِنْ الْبَعْثِ حَتَّى يَسْتَرِيحَ مِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَقَدْ أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ بَعْثِ كُلِّ أَحَدٍ مِنْ الثَّقَلَيْنِ فَيَكُونُ هَذَا الدُّعَاءُ كُفْرًا؛ لِأَنَّهُ طَلَبٌ لِتَكْذِيبِ اللَّهِ –تَعَالَى- فِي خَبَرِهِ..
وجاء في (مواهب الجليل في شرح مختصر خليل) (2/ 231):
[وَالْكَافِرُ يُمْنَعُ فِي حَقِّهِ الشَّيْءُ الْأَخِيرُ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: 113] وَلَيْسَ مَنْعُ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ الْكَافِرِ وَالتَّرَحُّمِ عَلَيْهِ وَالِاسْتِغْفَارِ لَهُ بِاَلَّذِي يَمْنَعُ مِنْ تَعْزِيَةِ ابْنِهِ الْمُسْلِمِ بِمُصَابِهِ بِهِ].
وجاء في (الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني) (2/ 291):
[وَمَفْهُومُ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِغْفَارُ لِلْأَبَوَيْنِ الْكَافِرَيْنِ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ لِآيَةِ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} [التوبة: 113] الْآيَةَ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي اسْتِغْفَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، وَاسْتِغْفَارِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ لِأَبَوَيْهِ الْمُشْرِكَيْنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ حُرْمَةَ الِاسْتِغْفَارِ لِلْكَافِرِ بَعْدَ مَوْتِهِ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا وَلَوْ لِلْأَبَوَيْنِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ خِلَافٌ فِي اسْتِغْفَارِهِ لِلْأَبَوَيْنِ حَالَ حَيَاتِهِمَا إذْ قَدْ يُسْلِمَانِ].
وجاء في (حاشية الصاوي على الشرح الصغير = بلغة السالك لأقرب المسالك) (4/ 741):
[وْلُهُ: [وَيَنْتَفِعَانِ بِهَا] : وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ، وَعَدَّ مِنْهَا دُعَاءَ الْوَلَدِ الصَّالِحِ» ، وَمَحَلُّ طَلَبِ الدُّعَاءِ لَهُمَا إنْ كَانَا مُؤْمِنَيْنِ لَا إنْ كَانَا كَافِرَيْنِ فَيَحْرُمُ لِآيَةِ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} [التوبة: 113].
وجاء في (حاشية الصاوي) (1/ 333):
[قَوْلُهُ: [يَعُمُّ كُلَّ مَنْ لَهُ عَلَيْك وِلَادَةٌ] : أَيْ مِمَّنْ مَاتَ عَلَى الْإِسْلَامِ.
فَيُلَاحِظُ الدَّاعِي ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 113] الْآيَةَ.
3- نصوص السادة الشافعية:
جاء في (مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج) (2/ 42):
[وَلَا يَقُولُ وَغَفَرَ لِمَيِّتِكَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِغْفَارَ لِلْكَافِرِ حَرَامٌ (وَ) يُعَزَّى (الْكَافِرُ) الْمُحْتَرَمُ جَوَازًا إلَّا إنْ رُجِيَ إسْلَامُهُ فَنَدْبًا].
وجاء في (البيان في مذهب الإمام الشافعي) (3/ 25):
[وقال مالك رحمة الله عليه: (لا يجوز له غسله، ولا يجوز الصلاة عليه) .
دليلنا: ما روي: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر عليًا أن يغسل أباه» ، ولو لم يجز له غسله، لما أمره به.
ولأن الله –تعالى- قال: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15] [لقمان: 15] .
ومن المعروف غسله إذا مات، ويخالف الصلاة، فإن القصد بها الترحم عليه، والترحم عليه لا يجوز، والقصد بالغسل التنظيف، وذلك يحصل بغسله].
وجاء في حاشية (الشبراملسي) (2/ 420)
[فَرْعٌ] فِي اسْتِحْبَابِ الدُّعَاءِ لِلْكَافِرِ خِلَافٌ اهـ. وَاعْتَمَدَ م ر الْجَوَازَ، وَأَظُنُّ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَحْرُمُ الدُّعَاءُ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ إلَّا إذَا أَرَادَ الْمَغْفِرَةَ لَهُ مَعَ مَوْتِهِ عَلَى الْكُفْرِ، وَسَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ التَّصْرِيحُ بِتَحْرِيمِ الدُّعَاءِ لِلْكَافِرِ بِالْمَغْفِرَةِ. نَعَمْ إنْ أَرَادَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ إنْ أَسْلَمَ أَوْ أَرَادَ بِالدُّعَاءِ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ سَبَبُهُ وَهُوَ الْإِسْلَامُ ثُمَّ هِيَ فَلَا يُتَّجَهُ إلَّا بِالْجَوَاز]
وجاء في (حاشية البجيرمي على الخطيب ) (2/ 241):
[وَيَحْرُمُ الدُّعَاءُ لِلْكَافِرِ بِالْمَغْفِرَةِ، نَعَمْ إنْ أَرَادَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ إنْ أَسْلَمَ أَوْ أَرَادَ بِالدُّعَاءِ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ سَبَبُهَا وَهُوَ الْإِسْلَامُ فَلَا يُتَّجَهُ إلَّا الْجَوَازُ].
4- نصوص السادة الحنابلة:
جاء في (المغني) لابن قدامة (2/ 417):
وَأَمَّا أَهْلُ الْحَرْبِ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ كُفَّارٌ، وَلَا يُقْبَلُ فِيهِمْ شَفَاعَةٌ، وَلَا يُسْتَجَابُ فِيهِمْ دُعَاءٌ، وَقَدْ نُهِينَا عَنْ الِاسْتِغْفَارِ لَهُمْ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] وَقَالَ: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}.
وجاء في (الموسوعة الفقهية الكويتية) (8/ 66):
وفي الدعاء بالرحمة الدنيوية للوالدين غير المسلمين حال حياتهما خلاف ذكره القرطبي.
أما الاستغفار لهما فممنوع، استنادا إلى قوله تعالى: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى} فإنها نزلت في استغفاره صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب واستغفار بعض الصحابة لأبويه المشركين. وانعقد الإجماع على عدم الاستغفار لهما بعد وفاتهما وحرمته، وعلى عدم التصدق على روحهما.
أما الاستغفار للأبوين الكافرين حال الحياة فمختلف فيه؛ إذ قد يسلمان.
وجاء في ( الموسوعة الفقهية الكويتية) (11/ 186)
قَوْله تَعَالَى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّل مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَبِّ ارْحَمْهُمَا} حَيْثُ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عِبَادَهُ بِالتَّرَحُّمِ عَلَى آبَائِهِمْ وَالدُّعَاءِ لَهُمْ.
وَمَحَل طَلَبِ الدُّعَاءِ وَالتَّرَحُّمِ لَهُمَا إِنْ كَانَا مُؤْمِنَيْنِ، أَمَّا إِنْ كَانَا كَافِرَيْنِ فَيَحْرُمُ ذَلِكَ (2) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى}.
وجاء في (الموسوعة الفقهية الكويتية) (11/ 187):
وَأَمَّا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَيَحْرُمُ الدُّعَاءُ لِلْكَافِرِ بِالْمَغْفِرَةِ وَنَحْوِهَا؛ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} وَقَدْ جَاءَ الْحَدِيثُ بِمَعْنَاهُ، وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وجيع الأنبياء والمرسلين.
ومن تكن برسول الله نصرته ** إن تلقه الأسد في آجامها تجم
