التَّنوير المُحمَّدي:
هو الطريق السليم لحل لكل المعضلات والمشكلات، وما أصابنا من ضعف إلا لمَّا بعُدنا عن التنوير المُحمَّدي القائم على الوحي الشَّريف:
{فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا. رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [الطلاق: 10، 11].
أما ما يقوم به عملاء الاستشراق في بلاد الشَّرق من زعم أنهم هم أهل التنوير فهذا لعمري من الكذب البيِّن، والافتراء القبيح، وقلب الحقائق، وما يقومون به فهو الظُّلمة التي تهدم الأخلاق، وتشوش على الفكر، وتذهب بنور البصيرة، وتطمس نور الإيمان في القلوب، لأنَّ الفكر اللاستشراقي لا ينبُع من الوحي الرَّباني، وإنما منبعه الأهواء والنفس، ومستنقع (الأنا)، وما انغمس أحد في هذا الفكر الاستشراقي إلا وتجد على وجهه غبرة، ترهقها قترة، وفي قلبه حيرة وشك، تجده إنسانا يتخبط في بحر من الظلمات، ظلمات فوق ظلمات إن أخرج يده لم يكد يراها.
أما التنوير المُحمَّدي الرَّباني:
فهو: النور السَّاطع، والبرهان القاطع، والحجَّة الدَّامغة، القائم على الاستمداد من نور الله، الذي أنزل النُّور على النَّبي النَّور السِّراج المُنير، فإذا تخلَّل هذا النُّور في القلب استضاء واتسع وحصل له (الشَّرح) وعلى قدر الشَّرح تكون البصيرة النافذة، التي بها يتميز الخبيث من الطيب، والحق من الباطل، وبها تنكشف الحقائق انكشافا يثمر ترقيا في المقامات الاصطفائية، {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40].
هذا النُّور المحمَّدي الرَّباني، نور يُرقي الوجدان، ويزكي النفوس، ويروضها على الأخلاق المستمدة من نور المعية المحمدية، {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } [القلم: 4].
فهو مصدرُ ومعينُ الأخلاق، فكل خلق حسن فهو منه، لأنَّه درة وجوهرة تاج هذا الوجود العُلوي والسُّفلي، فهو -صلى الله عليه وآله وسلم- الذي منه انشقت منه الأسرار العرفانية، وانفلقت الأنوار الاصطفائية، وفيه ارتقت الحقائق الرَّبانية، فلم يدرك حقيقته المحمدية الأحمدية سابق له ولا حق به.
هذا النُّور المحمَّدي:
من لم يتشبع به فهو محروم من البصيرة النُّورانية، يتخبط في دياجير المادية، وهو أسير نفسه وهواه، وعبد (لإنيته)، يتقلب في الشَّقاء، أناء الليل وأطرافا من النهار، لا يدرك السَّعادة التي أدركها أهل البصيرة.
فاحذروا من شياطين الإنس والجن، الذين انسلخوا من الإيمان، واتبعوا الشَّهوات، ومالوا عن الحق والحقيقة، وتركوا نور الوحي وراء ظهورهم، وفسقوا عن أمر ربهم، فهولاء هم أهل الظلمة الذين يخرجون النَّاس من النُّور إلى الظلمات.
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 257].
هؤلاء هم قطاع الطَّريق، ولصوص الفتن، فلا تمش في طريقهم، ولا تجلس في مجالسهم، ولا تسمع منهم، وكن على الصراط المستقيم صراط الله، {صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ}[الشورى: 53].