تبسيط أصول الدين
التعريف بعلم أصول الدين
نحن كمسلمين نؤمن بالله -سبحانه وتعالى- ونؤمن بأنبياء الله -سبحانه وتعالى- ونؤمن بسيدنا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم - ونؤمن بأن القرآن الكريم من عند الله -سبحانه وتعالى-، وليس عندنا شك في ذلك أبدا والحمد لله رب العالمين، ونحن نحمد الله -سبحانه وتعالى- أن جعلنا مسلمين، وأن جعلنا نعيش بين المسلمين، فالحمد لله على نعمه وجوده وفضله ومنه وكرمه.
ولكن غيرنا لا يؤمن بما نؤمن به، والبعض منهم يلقي إلينا الشبهات في كل يوم لتشكيكنا في ديننا، وللأسف الشديد يوجد بيننا من يتلقف هذه الشبهات وينشرها، كما يوجد بيننا فرق منحرفة من المسلمين ساهموا بشكل كبير في تشويه ديننا الحنيف، حتى تسببوا في تشكيك بعض المسلمين في دينهم ورأينا موجة من الإلحاد تجتاح بلاد المسلمين، فصرنا وللأسف الشديد نعيش في عصر مليء بالفتن والشبهات.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها هذا الوضع في التاريخ، فقد تكرر هذا الأمر في التاريخ مرارا، وبدأ بعد انتقال الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- وفي أثناء عصر الخلفاء الراشدين مع ظهور الفرق الإسلامية.
وظل أهل السنة والجماعة هم الحصن المنيع، بمنهجهم العلمي الرصين القائم على الأدلة اليقينية، الذي يقي من يتعلمه بإذن الله من هذه الفتن والشبهات، فيكون دينه مبنيا على اليقين والدليل الجازم، بدلا من أن يكون مبنيا على مجرد التقليد.
وعلم أصول الدين الذي نحن نقوم بشرحه الآن، يرد على كل أصحاب الانحرافات والأهواء سواء كانوا مسلمين أم غير مسلمين.
وفي المقالة القادمة بإذن الله نبين المنهج العلمي لعلم أصول الدين والذي يوصلنا إلى اليقين بإذن الله -سبحانه وتعالى-، حتى يكون لدينا من الحجج التي نرد بها على كل أصحاب الأهواء والفرق والملل والنحل المخالفة للحق، فنرد بها على شبهاتهم.
والذي يتعلم المنهج حتى يصل إلى مستوى المبتديء، فهو علم يكفيه بإذن الله، والذي يتعلمه ويبرع فيه حتى يصل إلى المستويات العليا والتفاصيل الدقيقة، فإنه يستطيع أن يدافع عن دين الله -سبحانه وتعالى- بإذنه -سبحانه وتعالى- ضد شبهات المعاندين والمخالفين، وهو جهاد بالحجة والبرهان.
فإلى بيان ذلك المنهج:
يصر
البعض من الوهابية وغيرهم من الحشوية على إنكار علم أصول الدين على اعتبار أننا لا
نحتاج إليه باعتبار أننا يمكن أن نصل إلى كافة الحقائق من القرآن والسنة مباشرة.
وفات
هؤلاء أنه يوجد على مر تاريخ من أصحاب الأهواء من يشككنا في أمور ديننا كلها،
بداية من التشكيك في القرآن والسنة حتى التشكيك في سيدنا محمد -صلى الله عليه وآله
وسلم-، والتشكيك في وجود الله -سبحانه وتعالى- أصلا.
وهذا
التشكيك مستمر من بعد انتقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وإلى يومنا هذا، وبلغ
في أيامنا هذه مبلغا غير مسبوق، خصوصا مع إصرار هؤلاء الحشوية على إنكار علم أصول
الدين وبالتالي إنكار سبل التعلم الصحيح للدين كله من أوله لآخره.
ومنهج
علم أصول الدين في إثبات حقائق الدين قائم على الترتيب التالي:
1- الإقرار بأن حقائق الأشياء ثابتة والعلم بها متحقق.
2- إثبات وجود الله سبحانه وتعالى.
3- إثبات صفات الله سبحانه وتعالى وأفعاله.
4- إثبات إمكانية إرسال الرسل.
5- إثبات صدق الرسل عن طريق إثبات المعجزات.
6- إثبات الوحي للرسل الذين ثبت صدقهم كما ذكرنا عاليه.
فلكي
نستطيع الاستدلال على أي مسألة من القرآن أو السنة، فلابد أن نثبت صحة الوحي
للرسول -عليه الصلاة والسلام-.
ولكي
نثبت صحة الوحي فلابد أن نثبت صدق الرسل.
ولكي
نثبت صدق الرسل لابد أن نثبت المعجزة.
ولكي
نثبت المعجزة لابد أن نثبت إمكانية إرسال الرسل أصلا.
والمعجزة
وإرسال الرسل أفعال من أفعال الله -سبحانه وتعالى- فلابد من إثبات أفعاله.
وأفعال
الله -سبحانه وتعالى- لا تكون إلا باتصاف الله -سبحانه وتعالى- بصفات معينة.
وصفات
الله -سبحانه وتعالى- لا تثبت إلا بثبوت وجود الله سبحانه وتعالى.
ووجود
الله -سبحانه وتعالى- حقيقة، فلابد من الإقرار بحقائق الأشياء وأن العلم بها متحقق.
إذن،
فقبل الاستدلال من القرآن والسنة فلابد من إثبات القرآن والسنة أصلا كما ذكرنا
عاليه بالترتيب المذكور.
ولذلك،
فمن يصر على الاستدلال على كل شيء بالقرآن والسنة وإغفال كل ما سبق، فهو يساهم دون
أن يشعر في تثبيت الجهل عند الناس ومنعهم من سبل تعلم الدين على أسس يقينية سليمة.
وعند
دراسة علم أصول الدين، سيتبين لنا كيف أن هذه الدراسة ستساهم في الفهم الصحيح
للقرآن والسنة أصلا، وبالتالي فهم كل ما يستنبط منهما من فقه وتصوف وغير ذلك، بل
سيتبين لنا كيف أن هذا العلم سيؤدي بإذن الله إلى تصحيح الفكر بصفة عامة وفهم كل
علوم الدين والدنيا بشكل صحيح.
وهو
ما سنتعرف عليه بالتفصيل في المقالات القادمة بإذن الله.