التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الغنوصية .... والسادة الصوفية:


الغنوصية .... والسادة الصوفية:



لقد حاول الكفار من علماء الاستشراق في كثير من دراساتهم، الربط بين الفكر الغنوصي، وأحوال ومقامات السادة الصوفية من كبار أولياء الأمة المحمدية وعارفيها، وتلقف هذه الدراسات بشغف أتباع محمد بن عبد الوهاب النجدي، وسودوا ألوف الصفحات في هجومهم على التصوف الإسلامي، ورددوا على مسامع الناس أن أصل التصوف هو الفكر الغنوصي، وتخبطوا كثيرا في أصل التصوف من قائل هو زرادشتي أو مسيحي أو مانوي وغير ذلك من الترهات والأكتذيب التي لا تمت للبحث العلمي والواقعي، فالتصوف الحق هو زبدة الشريعة كما أجمع على ذلك أولياء الأمة المحمدية، والتصوف له الفضل الأكبر في محاربة الفكر الغنوصي، وأعظم مثال على ذلك حجة الإسلام الغزالي الذي شن حربا بلا هوادة على الفكر الباطني الغنوطي، في كتابه فضائح الباطنية، بل وأسست مدارس من السادة الصوفية في ربوع الخلافة الإسلامية لصد هجمات الفكر الباطني الإلحادي.


وكلمة غنوص تعني المعرفة، وهي تعني الوصول للمعارف عن طريق الرياضات والخلوة والجوع وتعذيب النفس حتى تصل لحالة تتحد مع الأله فتتلقي المعارف مباشرة. وهذا الفكر المنحرف البعيد كل البعد عن دين الإسلام صار عصارات فكر المذاهب الفارسية والسريانية والأفلاطونية والمانوية والزرادشتية والديصانية والمزدكية.


فالفارق بين الكشف الغنوصي الباطني الإلحادي، وبين الكشف الصوفي الرباني المقيد بالشريعة:


أن الغنوصي لا يؤمن بدين الإسلام الذي ختم الله به الرسالات، بل لو كان مؤمنا بدين فهو دين محرف مشوه بعيد كل البعد عن مشكاة النبوة، ونور الوحي المقدس.

وبالتالي ما تنتجه خلوة الغنوصي إنما هو كشف شيطاني أو نفساني، لا يؤدي بصاحبه للوصول لمقام السكينة، فصاحب هذا الكشف إنما يوحي إليه الشيطان كما قال الله تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ } [الشعراء: 221 - 223].

أما الكشف عند الشادة الصوفية، فهو كشف رحماني، والكشف هنا معناه الوصول لمقام الإحسان المعبرعنه في الحديث الشريف: [أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ] أخرجه البخاري في صحيحه.
وهذا الكشف فيه يطلع الله تعالى عبده المتقرب له على تجليات صفاته وأفعاله في نفسه وفي الآفاق.
أما الكشف بمعنى التكلم على الخواطر والمغيبات فلا يعول عليه السادة الصوفية، بل يحذرون السالك منه، وأن الوقوف عند مثل هذا من عوائق وقواطع السير إلى مقام الإحسان.

ويشترط السادة الصوفية الشيخ المربي السالك المتشرع والمتحقق، الذي يسلك بالطالب دروب الطريق، حتى يهديه في مسالكها، ويغيثه في مزالقها، ويدله على شبهات النفس والشيطان.
وكل ذلك محكوم بالشرع الشريف، ولا يخرج عن الشرع قيد أنملة.



المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السند المبارك في الطريقة القاوقجية الشاذلية

السند المبارك في الطريقة القاوقجية الشاذلية المقدمة ِبسْمِ الله الرَّحْمن الرَّحيم الحمد لله الذي أفاض على أولياءه بصنوف المعارف اللدنية، والرقائق والحكم الإلهامية، وتوجهم بتاج الكرامة والفيوضات العرفانية، ونور بواطنهم بالأنوار الإحسانية واصطفاهم  وخصهم لحضرته العلية. والصلاة والسلام على حقيقة الحقائق الربانية، وسر أسرار المقامات الاصطفائية، النور الذي أضاء العوالم العلوية والسفلية، الرحمة الشاملة لجميع العوالم الوجودية. وعلى آله سرج الهداية، وأقمار الولاية، ونجوم الأمان لأهل الأرض. وعلى أصحابه الذين تتزين بسيرتهم المجالس، وتتعطر بذكرهم المحافل، أساطين العلوم، وأرباب الفهوم. وعلى جميع الأنبياء والمرسلين. أما بعد: يقول العبدُ الفقير الذليل، الرَّاجي عفو ربه الجليل، أبو صُهيب فتحي بن سَعيد بن عُمر بن أحمد بن خليل، الحُجَيري نسبًا، المالكي مذهبًا، الأشعري عقيدةً، القاوقجي الشَّاذِلي طريقة لقد شرفني الله "سبحانه وتعالى" وسلكت طريق السَّادة الصَّوفية القَاوقْجِيَّة الشَّاذِليِّة، سنة اثنتا عشر وأربعمائة وألف من الهجرة النبَّوية، وكان عمري آن ذاك ما يقرب من ال...

نبذة عن حياة الشريف، إسماعيل النقشبندى -رضى الله عنه-

نبذة عن حياة الشريف،   إسماعيل النقشبندى -رضى الله عنه- هو الحسيب النسيب، سليل بيت النبوة والفتوة، مولانا الإمام الشريف إسماعيل بن تقاديم بن رحمة، بن الأمير أحمد أبو سليمان، بن الأمير سعيد، بن الأمير سعد، بن الأمير زيد الحسني، وأمه هى الشريفة رية بنت الإمام محمد أبو بكر الميرغني، وشقيقة كل من القطب الكبير سيدى محمد عثمان الميرغنى، وسيدى الإمام عبد الله الميرغني، مفتى مكة والشريفة مريم أم  القطب العظيم سيدى محمد بن ناصر الإدريسى المشيشى المغربى. ولد شيخنا -قدس الله سره- فى الحادى عشر من شوال سنة ١٢١٦هـــ من هجرة النبى -صلى الله عليه وسلم-، فى قرية الدنيق بمديرية بحر الغزال بجنوب السودان، حيث هاجر جده اليها من مكة لظروف سياسية أجبرته على ذلك. حفظ الشيخ القرآن الكريم مبكرا، ثم ألحقه جده الشريف (رحمة ) بمحضرة سيدى المختار الكنتى بصحراء أزواد من بلاد شنقيط، ومكث بها عشر سنين تضلع فيها من العلوم العربية والشرعية على سيدى المختار الكنتى الشنقيطى، ثم على ولده وخليفته سيدى محمد المختار، وفى عام ١٢٣٥هــ التحق -رضى الله عنه- بالأزهر الشريف وأخذ عن علمائه الأجلاء ، وعاد...

العَارفِ بالله السَّيد محمَّد بن عبد الرحيم النُشَّابي الحسني

                                 العَارفِ بالله السَّيد محمَّد بن عبد الرحيم النُشَّابي الحسني هو العالم العلامة، والحبر الفهامة، مرشد السالكين، ومربي المريدين، سيدي محمد بن عبد الرحيم النشابي الحسني الشافعي الشاذلي الأحمدي الطنتدائي.  شريف حسني من جهة أبيه وحسيني من جهة أمه. وهو: محمد بن عبد الرحيم بن عبد الوارث بن خليل بن علاء الدين بن إبراهيم بن جمال الدين بن محمد بن الأخضر بن داود بن أحمد بن محمد بن حسن بن محمد بن عبد الله أبي نشابة (سيدي عبد الله أبي نشابة ضريحه بالضهرية من قرى محافظة البحيرة وإليه تنسب الأسرة, وكان من أصحاب القطب الدسوقي) بن مرعي بن أحمد القناوي بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن علي بن يونس بن سلامة أبي الأنوار عن ترك بن سلامة الأواب بن إبراهيم بن علي بن محمد بن داود بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن عبد الله بن الحسن المثني بن الحسن السبط بن علي ابن أبي طالب زوج فاطمة الزهراء بنت سيد الوجود صلى الله عليه وسلم. ولد عام 1261هـ (1845م) وكان من أكبر علماء الأزهر وأ...