التخطي إلى المحتوى الرئيسي

نعمة الإيجاد ونعمة الإمداد


نعمة الإيجاد ونعمة الإمداد

من أعظم منن الله تعالى على العبد نعمة إيجاده، ونعمة إمداده، ولا يلحظ نعمة الإيجاد ونعمة الإمداد إلا أهل الشكر التام، وقليل من عباد الله الشكور، {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13].

ولا شك ولا ريب أن المقدم في هذا المقام وهو مقام الشكر هو الذي قال عن نفسه: ((أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ)) صحيح البخاري (7/ 2)، فعلى قدر الخشية والتقوى يكون الشكر التام لله تعالى.

ولما كان سيدنا رسول الله هو المقدم في هذا المقام، كان متحققا تمام التحقيق بمقام شكر الله تعالى على نعمة إيجاده ونعمة إمداده، ومن شكر رسول الله لله على نعمة الإيجاد أنه كان يواظب على صوم يوم الاثنين من كل أسبوع لأن الله تعالى قدر في هذا اليوم بروز وجوده الجسماني إلى هذه الحياة الدنيا، بعد أن كان نورا يتنقل من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام الزكية.

وشهود منه الإيجاد تحدث فرحا بالله تعالى وفرح بنعمة الله تعالى، والفرح ينشرح به الصدر ويتسع، لشهود فضل الله الأعظم {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } [يونس: 58]، فالخطاب في مضمونه موجه لسيد الوجود في إظهار الفرح بالله على نعمة الله تعالى عليه في تفضله عليه بنعمة الإيجاد التي كانت عاقبتها أن يكون خاتما للأنبياء والمرسلين، وإرسالة بالكتاب الخاتم وتعليمه له ما لم يكن يعلم {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء: 113] وتوجه بتاج الرحمة التي حاز فيها المقام الأعلى فكان رحمة للعالمين، { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } [الأنبياء: 107]، فهذا هو الفضل العظيم والرحمة التامة التي تفرح وتشرح الصدر.

ولما كانت نعمة الإيجاد والإماد من أعظم المنن على العبد وكان سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وجوده أعظم وإماده أوفر وأعلى وأكرم، فقد وجب على من يؤمن به ويصدق برسالته أن يعلن الفرح بمظاهر الشكر والتقرب لله تعالى بالحمد أن من الله تعالى على العالمين بنعمة وجود سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-.

فمن يسأل أكان الصحابة يفرحون كل يوم اثنين على نعمة مولد رسول الله؟

فالجواب: نعم ومليار نعم، ومن أعرف برسول الله ممن اصطفاهم الله لصحبته، فهم يفرحون بفرحه ويحزنون لحزنه، فقد فرح الرسول الله بمولده فالحب يجب عيه حتما أن يفرحه ما يفرح رسول الله، وحاشا الصحب الكرام أن لا يشهدوا ويتذوقوا هذا المقام الأسنى فهم أهله بحق.

فالفرح بمولد خير البرية واجب واجب واجب، وصوم يوم مولده من كل إسبوع سنة سنة، أما عن مظاهر الاحتفال بغير إعلان الفرح وبغير الصوم فيندرج تحت الأحكام الشرعية إن كان بما هو مشروع فهو سنة حسنة يثاب فاعلها، وإن كان بما هو مخالف للشرع فهو آثم لمخالفته الشرع الشريف.

بقي أن أقول:

الفرح بنعمة الإيجاد زمنه يوم الاثنين من كل أسبوع، والفرح بمدد الله له وفضله عليه واصطفاؤه له ففي كل نفس، وليعلم المحب أن اليوم الذي ولد فيه رسول الله يوم عظيم، والشهر شهر عظيم والسنة سنة عظيمة، فمن فاته الاحتفال كل أسبوع فلا يفوتنه الاحتفال في شهر مولده، ما لا يدرك كله، لا يترك كله، أو لا يترك جُلّه.
اللهم فرح قلوب كل أمة سيدنا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- بسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم- وأشهدم لذة مقام شهود نعمة إيجاده، وأمدهم من سر أنوار أسرار إمداده.

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السند المبارك في الطريقة القاوقجية الشاذلية

السند المبارك في الطريقة القاوقجية الشاذلية المقدمة ِبسْمِ الله الرَّحْمن الرَّحيم الحمد لله الذي أفاض على أولياءه بصنوف المعارف اللدنية، والرقائق والحكم الإلهامية، وتوجهم بتاج الكرامة والفيوضات العرفانية، ونور بواطنهم بالأنوار الإحسانية واصطفاهم  وخصهم لحضرته العلية. والصلاة والسلام على حقيقة الحقائق الربانية، وسر أسرار المقامات الاصطفائية، النور الذي أضاء العوالم العلوية والسفلية، الرحمة الشاملة لجميع العوالم الوجودية. وعلى آله سرج الهداية، وأقمار الولاية، ونجوم الأمان لأهل الأرض. وعلى أصحابه الذين تتزين بسيرتهم المجالس، وتتعطر بذكرهم المحافل، أساطين العلوم، وأرباب الفهوم. وعلى جميع الأنبياء والمرسلين. أما بعد: يقول العبدُ الفقير الذليل، الرَّاجي عفو ربه الجليل، أبو صُهيب فتحي بن سَعيد بن عُمر بن أحمد بن خليل، الحُجَيري نسبًا، المالكي مذهبًا، الأشعري عقيدةً، القاوقجي الشَّاذِلي طريقة لقد شرفني الله "سبحانه وتعالى" وسلكت طريق السَّادة الصَّوفية القَاوقْجِيَّة الشَّاذِليِّة، سنة اثنتا عشر وأربعمائة وألف من الهجرة النبَّوية، وكان عمري آن ذاك ما يقرب من ال...

نبذة عن حياة الشريف، إسماعيل النقشبندى -رضى الله عنه-

نبذة عن حياة الشريف،   إسماعيل النقشبندى -رضى الله عنه- هو الحسيب النسيب، سليل بيت النبوة والفتوة، مولانا الإمام الشريف إسماعيل بن تقاديم بن رحمة، بن الأمير أحمد أبو سليمان، بن الأمير سعيد، بن الأمير سعد، بن الأمير زيد الحسني، وأمه هى الشريفة رية بنت الإمام محمد أبو بكر الميرغني، وشقيقة كل من القطب الكبير سيدى محمد عثمان الميرغنى، وسيدى الإمام عبد الله الميرغني، مفتى مكة والشريفة مريم أم  القطب العظيم سيدى محمد بن ناصر الإدريسى المشيشى المغربى. ولد شيخنا -قدس الله سره- فى الحادى عشر من شوال سنة ١٢١٦هـــ من هجرة النبى -صلى الله عليه وسلم-، فى قرية الدنيق بمديرية بحر الغزال بجنوب السودان، حيث هاجر جده اليها من مكة لظروف سياسية أجبرته على ذلك. حفظ الشيخ القرآن الكريم مبكرا، ثم ألحقه جده الشريف (رحمة ) بمحضرة سيدى المختار الكنتى بصحراء أزواد من بلاد شنقيط، ومكث بها عشر سنين تضلع فيها من العلوم العربية والشرعية على سيدى المختار الكنتى الشنقيطى، ثم على ولده وخليفته سيدى محمد المختار، وفى عام ١٢٣٥هــ التحق -رضى الله عنه- بالأزهر الشريف وأخذ عن علمائه الأجلاء ، وعاد...

العَارفِ بالله السَّيد محمَّد بن عبد الرحيم النُشَّابي الحسني

                                 العَارفِ بالله السَّيد محمَّد بن عبد الرحيم النُشَّابي الحسني هو العالم العلامة، والحبر الفهامة، مرشد السالكين، ومربي المريدين، سيدي محمد بن عبد الرحيم النشابي الحسني الشافعي الشاذلي الأحمدي الطنتدائي.  شريف حسني من جهة أبيه وحسيني من جهة أمه. وهو: محمد بن عبد الرحيم بن عبد الوارث بن خليل بن علاء الدين بن إبراهيم بن جمال الدين بن محمد بن الأخضر بن داود بن أحمد بن محمد بن حسن بن محمد بن عبد الله أبي نشابة (سيدي عبد الله أبي نشابة ضريحه بالضهرية من قرى محافظة البحيرة وإليه تنسب الأسرة, وكان من أصحاب القطب الدسوقي) بن مرعي بن أحمد القناوي بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن علي بن يونس بن سلامة أبي الأنوار عن ترك بن سلامة الأواب بن إبراهيم بن علي بن محمد بن داود بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن عبد الله بن الحسن المثني بن الحسن السبط بن علي ابن أبي طالب زوج فاطمة الزهراء بنت سيد الوجود صلى الله عليه وسلم. ولد عام 1261هـ (1845م) وكان من أكبر علماء الأزهر وأ...